المحميات الطبيعية و السياحة البيئية في مصر

وليد حسان الأشوح

إن السياحة هي عصب التنمية في مصر، وهي سلعة بيئية بالدرجة الأولى ترتفع قيمتها ويزيد الطلب عليها في ظل بيئة طبيعية سليمة ومصانة. ولا شك أن نجاح السياحة هو نتاج تعاون وتآزر بين جميع الأطراف الحكومية والاستثمارية والمجتمع المدني وكذلك مساهمة كل مواطن مصري.

تمتلك مصر العديد من الثروات الطبيعية (الشعاب المرجانية، الصحراء، الجبال، نهر النيل ودلتاه، التنوع النباتي والحيواني، (ما يقرب من 20 ألف نوع)، التكوينات الجيولوجية الفريدة ، الحضارات القديمة التي تعكس مدى الاستفادة من الثروات الطبيعية، المناظر الجميلة الخلابة، الثروات التعدينية، وغيرها) والتي تشكل رأس مال طبيعي يعتمد عليه الاقتصاد القومي لتحقيق إقتصاد أخضر

و من هذا المنطلق فإن السياحة البيئية هي الرحلات المسئولة بيئياً للمناطق الطبيعية الفطرية لأجل الاستمتاع يها وتعزيز حمايتها، وتحقيق مكاسب إجتماعية وإقتصادية للمجتمعات المحلية. وهي السوق الواعدة كصناعة تخصصية عالمية تنمو بمعدلات عالية. وهي تمثل في مصر ثلثي السياحة الوافدة والتي تنشد أساساً محافظات جنوب سيناء والبحر الأحمر والوادي الجديد لما تزخر بها من أجمل مواقع الغوص العالمية والشعاب المرجانية والحياة البحرية المتميزة والسواحل الرائعة والصحراء الساحرة والحفريات النادرة والتراث الثقافي والتاريخي العريق علاوة على مجالات مبشره على الساحل الشمالي والصحراء الغربية. من أجل ذلك أولت وزارة البيئة إهتماماً لهذا النوع من السياحة وأرست قواعده في إستراتيجية وطنية للسياحة البيئية منذ عام 2005 والتي تشكل فيه المحميات الطبيعية حجر الزاوية بما تضمة من تراث طبيعي وثقافي وجمالي وتنوع بيولوجي فريد.

السادة الحضور الكريم

تعتمد رؤية وزارة البيئة على زيادة زوار المحميات الطبيعية للتركيز علي السياحة البيئية لتصل عائدتها إلى 10 بليون دولار سنوياً، مع توفر فرص عمل غير مباشرة حوالي (6 مليون وظيفة)

تضم شبكة المحميات الطبيعية 30 محمية تنتشر على 15% من مساحة الجمهورية، ومن المخطط إستكمالها إلى 40 محمية بما يغطي 20% من أرض الدولة. حيث نعمل في منظومة متكاملة مع وزارة السياحة ووزارة الثقافة وجميع الوزارات والمحافظات والأجهزة المعنية والمنظمات الأهلية والمجتمع المدني من أجل تحقيق أفضل المستويات لحماية ثرواتنا الطبيعية والحضارية وتعزيز النشاط السياحي.

 

تعمل وزارة البيئة من خلال استراتيجياتها للسياحة البيئية على ضمان حفظ التراث الطبيعي لمصر باعتبارها حجر الزاوية لصناعة السياحة البيئية، إقامة توازن بين احتياجات التنمية السياحية والحفاظ على الموارد الطبيعيةوذلك من خلال مفهوم التنمية المستدامة ،ورفع وعي الجمهور وفهمه للسياحة البيئية،وتعزيز التعاون والتواصل بين أصحاب المصلحة، وتعظيم المنافع للسكان المحليين من السياحة البيئية

وعلى سبيل المثال

البحر الأحمر والذي يضم محميات (علبه – وادي الجمال – جزر البحر الأحمر الشمالية)

ويعتبر البحر الأحمر مثالا يحتذى به في التنمية المستدامة وخاصة ما يتم من تنمية على خليج العقبة وجنوب الغردقة .

بسواحله الممتدة خاصة على خليجى السويس والعقبة ويمتد حتى حتى الحدود الدولية مع السودان الشقيق  ويتميز بتتنوع ثرواته الطبيعية من شعاب مرجانية والأنظمة الايكولوجية المصاحبة لها والحيوانات البرية علاوة على مياهه الصافية آلتي تحقق الرؤية لمسافة تزيد عن 50م وهذا النظام البيئي الأخاذ هو مركز الجذب الرئيسي للسياحة العالمية والمحلية بالمنطقة. كما تشكل الشعاب المرجانية حائطا يعمل كمصد للأمواج الشديدة مما يحمى الشواطئ من التاكل- وكذلك تعتبر مناطق ملائمة لتكاثر الأسماك.  

الصحراء الغربية والتي تضم محميات (سيوة- الصحراء البيضاء- الجلف الكبير- الواحات البحرية- نيزك جبل كامل)

نظم بيئية مميزة ( تشمل الكثبان الرملية والأراضى الرطبة و عدد من الواحات الصغيرة وتراث ثقافى فريد من العصور الفرعونية والرومانية.

 الصخور الطباشيرية التى شكلت أشكالاً مختلفة على هيئة أعمدة من الطباشير وعيش الغراب والتى تكونت بفعل عوامل التعريةوتظهر أشكال جيومورفولوجية نادرة

مجموعة من العيون المائية التى تدعم استمرار الكائنات الحية فى ظل المناخ شديد الحرارة. وينتشر حول هذه العيون  بعض النخيل وأشجار الأثل و بقايا آثار منازل قديمة وأوانى فخارية أستخدمها الإنسان الذى عاش حول هذه العيون المائية وترجع إلى العصر الرومانى والتى غطتها الرمال.

مجموعة من الكهوف الهامة التى تتميز بوجود مايزيد عن 2000 صورة لنقوش ورسومات صخرية لحيوانات وأشخاص ترجع إلى ماقبل التاريخ .

سيناء وتضم محميات (رأس محمد – نبق – أبو جالوم – طابا –  سانت كاترين - الأحراش – الزرانيق )

وتتميز هذه المحميات الطبيعية بخواص متباينة من تكوينات جيولوجية التى يصل عمرها إلى حوالى 5000 سنة وكثبان وغرود رملية وجبال ووديان وما تضمه من موائل للحياة البرية النباتية والحيوانية وبيئة بحرية فريدة بما تضمه من شعاب مرجانية وكائنات حية تعيش فى تكافل معها.

أعلى قمم جبال في مصر حيث يوجد جبل كاثرين (2641م) وجبل موسى (2285م) وجبل الصفصافة (2145م)، وأقل درجة حرارة (تحت الصفر)

أقدم الصخور عمراً (حتى 850 مليون عام) مقارنة بعمر الحياة على كوكب الأرض (حوالي 600 مليون عام)

ساحل البحر المتوسط والذي يضم محميات (أشتوم الجميل – البرلس – السلوم - العميد)

تتمتع بموارد بحرية وبرية وساحلية وثروات طبيعية وسمكية ذات قيمة اقتصادية وبيئية فريدة، وتحتوي على مظاهر جغرافية مميزة مثل منطقة المد والجزر والكثبان الرملية والجروف والمنخفضات الملحية والهضاب الساحلية والمرتفعات، كما تحتوي على نظم بيئية بحرية حساسة مثل الحشائش البحرية وبيئات الأعماق الضحلة ومتوسطة العمق، كما تتميز المنطقة بسكانها المحليين وما يتمتعون به من تراث ثقافي ومعارف تقليدية هائلةتعتبر العديد من هذه المحميات خطوط سير هجرة الطيور

هناك العديد من المناطق الأثرية تعود للعصرين اليوناني والروماني وتضم عدد من المقابر المنحوتة تحت التربة والمقابر السطحية وبقايا من القصور والمنازل، كما ينتشر بها عدد من خزانات المياه الأرضية التى تعود للعصر الروماني والتي يستخدم معظمها حالياً لتجميع مياه  الأمطار ويستفيد منها السكان المحليين خلال عمليات الرعي ، ويوجد بها مزارات تاريخية لمقابر الجنود ومتحف العلمين الحربي.

 

جنوب مصر والذي يضم محميات (الدبابية – وادي الأسيوطي – سالوجا وغزال – وادي العلاقي)

وتضم تلك المنطقة قطاع جيولوجى نموذجى على المستوى الدولى (منطقة الدبابية) والتي  تعد مقياس زمنى يمثل أكمل القطاعات الطبقية فى العالم التى شهدت البداية الفعلية للأحياء الحديثة للكرة الأرضية  كما أن هذا القطاع النموذجى يؤدى الى تحديد عمر الأرض بدقة من خلال تحديد أعمار التتابعات الرسوبية البحرية المتوافقة  وتحديد الظروف التى واءمت ترسيب تلك التتابعات  والأحياء المميزة لها وأعمارها والتى  تعد مقياس لكل عصر من العصور القديمة. كذلك  ثمثل الفجوة الزمنية  المفقودة  والتى  تقدر بنحو 2.4 مليون سنه بين تتابع حقبتي  الباليوسين والإيوسين  تمثيلاً كاملاً.

المنطقة المركزية والتي تضم محميات (بركة قارون – وادي الريان – قبة الحسنة – الغابة المتحجرة – كهف وادي سنور – وادي دجلة)

تضم المنطقة :

أقدم بحيرات المياة الداخلية في العالم وهي بحيرة قارون كذالك توجد التكوينات الجيولوجية الهامة علمياً وتاريخياً والكثير من الآثار المصرية القديمة والرومانية حيث يوجد أقدم طريق أسفلتي في العالم (بطول 11 كم منذ ما يقرب من 2000 عام)، وأيضاً بقايا موانئ للحضارات وأيضاً المحاجر الفرعونية المعروفة بأسم "ودان الفرس" حيث ما زال يستخرج البازلت من محاجر مجاورة منذ أكثر من 2500 عام قبل الميلاد.

وجبل قطراني ذات الشهرة العالمية لتوافر رواسب حفرية بحرية ونهرية وقارية يرجع عمرها إلى حوالي 40 مليون سنة تحتوي على حفريات ثديية لا مثيل لها في العالم مثل أقدم قرد في العالم، وحيوان الفيوم القديم الذي يشبه الخرتيت، وأسلاف فرس النهر والدرافيل وأسماك القرش وأسلاف الطيور والغابة المتحجرة حيث يوجد على الأقل نوعان من أشجار المانجروف، والأكثر من ذلك إكتشاف الأفيال والتي لا يزيد حجمها عن حجم الخنزير

منطقة وادي الحيتان إحدى مناطق التراث العالمي التي أعلنت عام 2005، وذلك لغنائها بمئات من هياكل الحيتان القديمة والتي تعتبر ذات أهمية علمية بالغة لتطور الثدييات من اليابسة إلى المياة وأيضاً تطور الحيتان الحديثة

كهف وادي سنور وتراكيبه الجيولوجية التي تعكس ظاهرة ما يسمى بالصواعد والهوابط في صورة مثالية كبيرة تكونت عبر ملايين السنين (خلال عصر الأيوسين منذ حوالي 60 مليون عام).

السيدات والسادة لقد  قامت وزارة البيئة بتحديد مجموعة من الأهداف للنهوض بالسياحة البيئية و تعمل على تحقيقها وهى  :

1.   ضرورة حشد الجهود الوطنية لتحقيق التوازن بين السياحة البيئية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية الموارد الطبيعية والبيئة واستمرار عطائها وطنياً ومحلياً .

2.   تحسين إدارة وتنمية السياحة البيئية بالتعاون بين الأجهزة والهيئات والمؤسسات والقطاع الخاص والمجتمع المدنى على المستويات المختلفة بما فيها تخطيط استخدامات الأراضى وتنوع المقاصد السياحية وتقويم شامل للآثار البيئية .

3.   تطوير البنية الأساسية والارتقاء بالخدمات المقدمة بمواقع السياحة البيئية . وتشجيع نوعية السياحة التى تحافظ على البيئة وتدعم المجتمعات المحلية وتراعى ثقافاتهم وتقاليدهم.

4.   تعزيز أنشطة السياحة البيئية المستدامة بتفعيل القوانين والتشريعات البيئية ووضع معايير قياسية للتنمية السياحية والوسائل المستخدمة ونوعية البيئة ومعدلات لتقويم حالة التنوع البيولوجى .

5.   التأكيد على الدعم المتبادل بين السياحة والبيئة كمنهج عام لتحفيز سياسات الحماية البيئية وتشجيع المبادرات التى تصون التراث الطبيعى والثقافى ودعم المحميات الطبيعية .

6.   وضع نظم وأساليب للمتابعة والرقابة والرصد لأنشطة السياحة البيئية والكشف عن المعوقات والمشاكل فى مراحلها المتقدمة واتخاذ الإجراءات المانعة لتفاقم الموقف وعند الطوارئ .

7.   تنشيط الاستفادة من إمكانيات التكنولوجيا النظيفة فى الإنشاءات والمعدات ووسائل الانتقال والاستخدامات المختلفة ، وتشجيع ونشر الخبرات الناجحة فى هذا المجال .

8.   زيادة الوعى والثقافة البيئية بين الجماهير والسياح ، والاهتمام بالإعلام عن السياحة البيئية وصون الطبيعة والتنوع البيولوجى ، والتسويق المتميز للمقاصد السياحية المصرية ، وذلك بالتعاون المشترك بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الأهلية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المنشورات الأحدث

قصيدة من مسيرة المهندس وليد حسان الأشوح، مبرزةً اهتماماته المتنوعة في مجالات التنمية المستدامة، البيئة، والبحث العلمي

وليد حسان الأشوح *قصيدة: "رجلٌ من نورٍ واستدامة"** على دربِ العِلْمِ والخيرِ يسيرُ، في كُلِّ خطوةٍ ينبضُ الضميرُ، شُعاعُ فكرٍ في...