الصيد الشبحي و التلوث بالبلاستيك

 

منذ اختراع البلاستيك والعالم يتسارع في إنتاجه واستهلاكه، للتعبئة والتغليف وصناعة الإليكترونيات، ليتضاعف إنتاجه كل عام، عشرات الأضعاف، حتى بلغ متوسط حجم إنتاجه سنويًا 8.3 مليار طن، يتم تدوير منها 9%، ويخضع 12% للحرق المكشوف.

إلى جانب ذلك هناك 8 مليار طن من البلاستيك تلقي في المحيطات والبحار ونحو 99.5 مليون طن على السواحل، بالإضافة إلى 51 تريليون حبيبة بلاستيكية لا يزيد قطرها عن 5 مم في المحيطات تسمى الميكروبلاستيك، تدخل في صناعة مستحضرات التجميل مثل الشامبو والكريم ومقشرات البشرة ومعجون الأسنان.

جاء في المنتدى الاقتصادي العالمي أنه بحلول عام 2050، ستكون المحيطات والبحار تحتوي على بلاستيك بدلا من الأسماك، ويصنع البلاستيك من مشتقات بترولية ويستهلك 8% من الإنتاج العالمي للنفط، بالإضافة إلى مركبات كيميائية خطرة تؤثر علي جميع أجهزة الجسم وتؤدي إلى السرطان.

وقد أوضحت الشبكة العالمية للبصمة البيئية أو بصمة الاستهلاك أن 60% من النشاط البشري مدمر لمواردنا، لذلك يحتفل العالم في ٢٠١٨، بيوم البيئة العالمي تحت شعار “لا للتلوث بالبلاستيك”.

إنتاج منتج واحد صغير الحجم من كل نوع من أنواع البلاستيك الستة، يؤدي إلى تصاعد 7 كجم من ثاني أكسيد الكربون، وذلك في مرحلة الإنتاج فقط، بالإضافة إلى تصاعد غاز الديوكسين المسرطن عند الحرق وإلقائة في المقالب العمومية ليتحلل بعد آلاف السنين.

وعلى مدي تلك السنوات من التحلل يلقي بمكوناته الكيميائية في التربة والمجاري المائية، ما يساهم في زيادة مخاطر تغيرات المناخ علي رأس مالنا الطبيعي، أضف إلى ذلك تأثيره على التنوع البيولوجي في البيئة البحرية، حيث وجد أن 60% من غذاء الكائنات البحرية من البلاستيك، وما أدى إلى انقراض 51% من التنوع البيولوجي البحري و54% من الثدييات البحرية و92% من الطيور البحرية، إذ يمثل البلاستيك 5% من وزن جسمها.

تلك البيئة البحرية هي إحدى مخازن الكربون في الطبيعة، ومصدر البروتين، للحد من الجوع وسوء التغذية ومصدر للدخل الفردي والقومي، حيث الصيد والتجارة البحرية، فالحفاظ على تلك البيئة الهشة هو تحقيق لأهداف الحد من الجوع و الفقر والتصدي لتغيرات المناخ والحفاظ علي استدامة البحار.

لذا فقد منعت رواندا وبنجلاديش استخدام الشنط البلاستيكية، وأمريكا وإنجلترا منعا الميكروبلاستيك منذ 2015، وكندا وضعته علي قائمة المواد الكيميائية الخطرة.

هذا هو منتج واحد فقط مما يستهلكه الإنسان الذي يشتكي من شح المياه وفقر الغذاء، حيث تناسى أنه السبب في كل المشاكل التي تحدث لمواردنا الطبيعية بسبب خروجه عن التوازن الطبيعي واغتراره بعقلة واعتقادة أنه أقوى من الطبيعة التي خلق منها.

وفي النهاية، ترشيد الاستهلاك والحد من شراء المنتجات التي تستخدم لمرة واحدة وعدم التخلص من المخلفات في المجاري المائية، أو التعدي على الاراضي الزراعية، أصبح أمر واجب، لأن الحفاظ على رأس مالنا الطبيعي هو السبيل إلى تحقيق خطة مصر 2030 للتنمية المستدامة.

 

 

الصيد الشبحي و التلوث بالبلاستيك

الصيد الشبحي بأنه قدرة معدات الصيد على الاستمرار في الصيد بعد فقد كل السيطرة على تلك المعدات أي التي ضاعت أو أُلقيت أو تم التخلي عنها لكنها تواصل اصطياد الحيوانات البرية وقتلهاوتشمل شباك الصيد والفخاخ والخيوط الطويلة والحبال أو غيرها من المعدات التي تركها الصيادون أو فقدوها يمكن ترك هذه المعدات التي غالبًا ما تكون غير مرئية تقريبًا في الضوء الخافت والمياه العكرة للمحيط و تعمل على اصطياد الحيوانات والتشابك وربما تقتل الحياة البحرية وخنق الموائل وتكون بمثابة خطر على الملاحة.

إذا تُركت شباك الأشباح فإنها تصبح مصائد موت لأي حيوان تقريبًا يتلامس مع هذه المعدات المنسية منذ زمن طويل.قد تلتف الشباك حول جسم حيوان وفي حالة وجود حيوان ثديي أو سلحفاة بحرية ، تمنع الحيوان من العودة إلى السطح للحصول على الهواء ، مما يتسبب في غرق الحيوان ببطء والموت.

يُترك ما يقرب من 640 ألف طن من معدات الصيد في محيطاتنا كل عام وفقًا لمنظمة حماية الحيوان العالمية (WAP). و وجدت دراسة للأمم المتحدة عام 2009 أن معدات الصيد الأشباح تشكل 10 % أو حوالي 640 ألف طن من القمامة البحرية في جميع أنحاء العالم.

تقدر دراسة حديثة من NOAA أن أكثر من 85 ألف شبح جراد البحر وسرطان البحر منتشرة عبر محمية فلوريدا كيز البحرية الوطنية وحدهاوتفيد الوكالة أيضًا أنه في يوم صيفي نموذجي يتم نشر 250 ألف مصيدة لسرطان البحر في خليج تشيسابيكوتشير التقديرات إلى أن رجال مياه الخليج في خليج تشيسابيك يفقدون 30 % من المصائد كل موسم بسبب قطع الخطوط العائمة بواسطة المراوح أو التي تتعرض للهجوم بفعل حركة الأمواج أو التيارات.

حيث ذكرت منظمة WWF في تقريرها الصادر عن التلوث بالبلاستيك في دول حوض المتوسط 2019 ان خسارة قدرها 641 مليون يورو سنويا بسبب الصيد الشبحي و التلوث بالبلاستيك متمثلة في خسارة 268 مليون يورو سنويا في قطاع السياحة و خسارة 235 مليون يورو سنويا في قطاع الصناعه البحرية و خسارة 138 مليون يورو سنويا في قطاع الصيد بالإضافة الي ان كل عام على الصعيد العالمي يوجد اليوم أكثر من 700 نوعًا بحريًا يفقد 35 % من الطيور البحرية والأسماك 27% واللافقاريات 20% والثدييات البحرية 13% والزواحف 5% نتيجة للصيد الشبحي الذي يتم تدوير 1.5 % منه .

وأضاف التقرير ان دول حوض المتوسط تنتج 0.57مليون طن من مخلفات البلاستيك كل عام بما يعادل 33800 زجاجة بلاسيك كل دقيقة و يستقبل الشاطئ كل يوم 5 كجم من المخلفات البلاستيكية و 247 بليون قطعة بلاستيك طافية علي سطح المياة وستصل الي 4 أضعاف في 2050 و نصيب الفرد من المنتجات البلاستيكية 76 كجم اكبر من المعدل العالمي 23 مرة في 2016 و المخلفات البلاستيكية في البحر اصغر 9 مرات في الحجم من المخلفات علي الشاطئ مما يصعب جمعه و65% من البلاستيك المستخدم يصبح مخلف خلال العام و تؤدي الي انبعاثات كربونية 194 مليون طن / عام بما يعادل 6 مرات انبعاثات لندن

حيث ان ½ انتاج البلاسيك يلقي في المقالب 2.8 مليون طن 12% و المحارق 3.3 مليون طن 14% و ¼ المخلفات البلاستيكية يلقي في الطبيعة 3.6 مليون طن 15%

تعد دول حوض المتوسط أكبر رابع اكبر منتج لمخلفات البلاستيك 10 % من المخلفات العالمية

للبلاستيك حيث توجد ثلاث دول مسئولة عن 2/3 المخلفات البلاستيكية ( مصر 42% & تركيا 18.9 % & اطاليا 7.5 % ) بالإضافة الي السياحة مسئولة عن 1/3 كمية المخلفات البلاستيكية في فصل الصيف حوالي 30%

يعتبر التخلي عن معدات الصيد التجارية والتخلص منها من أكثر أنواع الحطام البحري إشكالية يمكن أن يؤدي وضع علامات على معدات الصيد إلى الحد من هذه الظاهرة. هناك حاجة إلى معدات الوسم لسببين أساسيين. أولاً تحديد مكان العتاد وثانيًا لتحديد الملكية عند التخلي عن العتاد أو فقده أو التخلص منه.

زيادة الوعي بالمخاطر التي تتعرض لها الملاحة من معدات الصيد المهجورة إلى جانب التقنيات المتاحة تجاريًا لاستعادتها تعزز الجهود المبذولة للحد من الصيد الوهمي وآثاره الضارة على الأرصدة السمكية والأنواع المهددة بالانقراض. وقال فرانسيس شوبان ، كبير مسؤولي مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية من المكتب الإقليمي الفرعي لمنظمة الأغذية والزراعة في منطقة المحيط الهادئ ، إن هذا يعطي زخمًا جديدًا لجهود منظمة الأغذية والزراعة لتطوير مبادئ توجيهية لوضع العلامات على العتاد بهدف معالجة المشكلة.

تشكل معدات الصيد المفقودة أو المهملة ALDFG جزءًا كبيرًا من جميع الحطام البحري وهي مشكلة متنامية في النظم البيئية البحرية حيث ارتفعت مستويات ALDFG بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة نتيجة للزيادات في حجم عمليات الصيد والاستخدام المتزايد للمواد الاصطناعية طويلة الأمد. في الوقت الحاضر تمثل حوالي عُشر القمامة البحرية وتترجم إلى مئات الآلاف من الأطنان سنويًا ففي المحيط الهادئ أصبح استخدام أجهزة تجميع الأسماك العائمة (FADs) في مصايد الشباك الكيسية البحرية على نطاق واسع حيث يقدر عدد هياكل العوامات العائمة هذه في المحيطات بحوالي 40.000-80.000. تحتوي FADs على مجمعات مصنوعة من مقاطع شبكية تحتها حتى عمق 20-50 مترًا مما يؤدي الي مخاطر ملاحية إذا لم يتم وضع علامة عليها بشكل صحيح ويمكن أن تتشابك المجمعات في الشعاب المرجانية عندما تنجرف في المياه الضحلة.

يعد وضع العلامات الفعالة على معدات الصيد في المناطق البحرية المزدحمة والمتعددة المستخدمين أمرًا أساسيًا لمنع فقدان النظم الإيكولوجية البحرية وحمايتها. يمكن للصيادين أيضًا الاستفادة من استخدام تقنيات جديدة لوضع العلامات على العتاد والتي ستسمح لهم بتقليل مخاطر فقدان المصيد المحتمل ومنع فقدان المعدات التي قد تكون باهظة الثمن وتوفير الوقت في البحث عن المعدات المفقودة.

ليس فقط الآثار البيئية التي يجب أن نهتم بها. "معدات الصيد غير المراقبة وكذلك التروس المتروكة والمفقودة تشكل خطراً على الملاحة الآمنة بسبب تلوث أنظمة دفع السفن والمراوح. يمكن أن يؤدي فقدان القوة أو التوجيه بسبب التلوث بمعدات الصيد إلى وقوع حوادث ووفيات في البحر. يمكن أن يساعد وضع العلامات أيضًا في مكافحة الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم ، من خلال السماح لسلطات المراقبة بمراقبة كيفية استخدام معدات الصيد في مياههم ومن يستخدمها .

تقنيات جديدة لتتبع العتاد المفقود

يتم اختبار علامات الأسلاك المشفرة (CWTs) كأداة محتملة لتقليل تشابك الثدييات البحرية والسلاحف والحيوانات البحرية الكبيرة الأخرى.

الحجم النانوي المحفور بالليزر المزروع في حبال الصيد بدون أي تأثير على أداء الصيد ولكن يجعله قابلاً للاكتشاف بواسطة أجهزة استشعار خاصة.

تُستخدم الآن عوامات الأقمار الصناعية التي تعمل بالطاقة الشمسية بشكل شائع في عمليات الشباك الكيسية الصناعية مما يوفر نطاقًا غير محدود ووقت تشغيل طويل جدًا.

يمكن توصيل مستشعرات أخرى مثل مستقبلات GPS ومقاييس درجة الحرارة وأجهزة الاستماع الصوتية بعوامة راديو واستخدامها لنقل البيانات إلى جهاز استقبال على متن سفينة أو مركز مراقبة على الشاطئ.
شباك الصيد القابلة للتحلل الحيوي - دراسة جديدة نشرت في مجلة Animal Conservation يصف بعض الاختبارات الواعدة التي تم إجراؤها باستخدام شباك الصيد القابلة للتحللطور الباحثون شبكة مصنوعة من مزيج من 82 % من مادة البولي بيوتيلين سكسينات (PBS) و 18 % من البولي بيوتيلين أديبات - كو تريفثالات (PBAT) وقارنوا كفاءة الصيد مع الشباك التقليدية. (إذا لم تتمكن من إقناع الصيادين بأن هذه الشباك ستؤدي عملاً جيدًا مثل الشباك العادية غير القابلة للتحلل ، فهذا تمرين لا طائل منه). أثناء الاختبارات المعملية ، كان أداء الشبكات القابلة للتحلل البيولوجي أقل جودة من الشباك العادية (كان لديهم أقل قوة للكسر وكانت أكثر صلابة) ، ولكن أثناء الصيد الفعلي ، كان أداءها مشابهًا لشبكات النايلون الأحادية العادية وبدأت في التحلل الحيوي بعد 24 شهرًا في مياه البحرهذه ليست سوى خطوة أولىيجب إجراء المزيد من الاختبارات ،

وضع العلامات أيضًا على أداة لمكافحة الصيد غير المشروع

أعربت منظمة الأغذية والزراعة عن مخاوفها بشأن السفن المتورطة في الصيد غير القانوني أو غير المسؤول أو إلقاء معدات الصيد الخاصة بها والتي قد لا تمتثل للقواعد المحلية أو عندما تكون سفن الدوريات على مرمى البصر أو عندما يُمنع دخول الميناء. كما أنهم أقل عرضة للإبلاغ عند فقد العتاد في الأحوال الجوية القاسية أو بسبب خطأ المشغل. قالت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) إنه إذا كانت العتاد محدد جيدًا ولديه تعريف كافٍ بحيث يمكن ربطه بسفينة أو بسجل معدات فإن هذا يوفر أداة مفيدة لوكالات إنفاذ قانون مصايد الأسماك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المنشورات الأحدث

قصيدة من مسيرة المهندس وليد حسان الأشوح، مبرزةً اهتماماته المتنوعة في مجالات التنمية المستدامة، البيئة، والبحث العلمي

وليد حسان الأشوح *قصيدة: "رجلٌ من نورٍ واستدامة"** على دربِ العِلْمِ والخيرِ يسيرُ، في كُلِّ خطوةٍ ينبضُ الضميرُ، شُعاعُ فكرٍ في...