التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المخلفات الإلكترونية بين الاستدامة وفناء كوكبنا

 

أصبح العالم قرية صغيرة بعد اكتشاف الشبكة العنكبوتية التي ربطت العالم بأطرافها الاصطناعية الذكية، وكذا أصبح العالم عقل واحد بعد الاتحاد حول استراتيجية التنمية المستدامة التي تهدف إلى الحفاظ والاستثمار في رؤوس أموالنا الطبيعية والبشرية من خلال اقتصاد أقل انبعاثا للكربون، وذلك من خلال الاستفادة من الثورة الرقمية التي بدأت تنمو منذ الثمانينات لعمل سيناريوهات تتنبأ لتغيرات المناخ وتأثيرها على مواردنا الطبيعية وكيفية التكيف أو الحد منها، ولكن غياب الوعي بماهية التكنولوجيا وما نحتاجه منها أدى إلى أن يصل نصيب الفرد من تلك الأجهزة الإليكترونية إلى أكثر من جهازين.

من هنا ندق ناقوس الخطر لما تحويه المخلفات الإليكترونية من أكثر من ٦٠ عنصرا من عناصر الجدول الدوري المسرطنة حيث تشير الإحصاءات العالمية أن حجم تلك المخلفات وصل في ٢٠١٦ إلى ٤٤.٧ مليون طن سنويا، أي ما يعادل حجم ٤٥٠٠ برج مثل برج إيفل، يتم تدوير ٢٠٪ منها فقط طبقا لمعايير بيئية و ٣٥.٨ مليون طن يتم إلقائهم في مقالب القمامة وتدويرهم بطريقة رديئة تدمر رؤوس أموالنا الطبيعية والبشرية وتزيد من تغيرات المناخ وتنذر بأمطار حمضية، خاصة على قارة إفريقيا التي تنتج ٢.٢ مليون طن، أي حوالي ٥٪ من الإجمالي العالمي، ولا توجد خطط وطنية لأي دولة إفريقية لإعادة تدوير طبقا لمعايير دولية معترف بها.

من الناحية الاقتصادية لتدوير تلك المخلفات طبقا لمعايير دولية معترف بها وخطط وطنية، نجد أن ما تحويه تلك المخلفات من مواد خام مثل النحاس والبلاستيك والحديد والذهب والبلاتين والفضة يقدر بحوالي ٥٥ مليار يورو في ٢٠١٦، وما يحويه ٤٣٥ ألف طن من الموبايلات يقدر بحوالي ٩.٤ بليون يورو، مما يفتح آفاق اقتصادية جديدة ولدت مع استراتيجية التنمية المستدامة، وهي الاقتصاد الدوار الذي يرتكز على ثلاث محاور هم، إعادة التدوير، وإعادة الاستخدام، والمنع أو الخفض من المواد المسرطنة الداخلة في التصنيع، وهذا ما تم تشريعه من قبل إحدى المنظمات الدولية المهتمة بتلك المخلفات، حيث وضعت حدود مسموح بها لأخطر ستة عناصر مسرطنة مثل الرصاص والزئبق والزرنيخ والكادميوم.

تلك المكاسب الاقتصادية ستنعكس على الناحية الاجتماعية من ارتفاع إجمالي الناتج المحلي وبالتالي ارتفاع مستوى المعيشة وفتح آفاق عمل جديدة للحد من البطالة والجوع والفقر والحفاظ على صحتنا وصحة كوكبنا الواحد. ومن هذا المنطلق نؤكد على احترام الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية بازل المعنية بالتحكم في نقل المخلفات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، والتي وقع عليها ١٨٦ دولة، ضرورة الرجوع إلى تشريعات المنظمات الدولية المهتمة بهذا المجال، وإصدار تشريعات وخطط إعادة تدوير لتلك المخلفات، ووضع معايير بيئية صارمة على عملية الاستيراد، فيجب أن تكون الأجهزة حديثة، مدمج معها علامات الجودة البيئية، سواء على الهاردوير أو السوفت وير، مثل نجمة الطاقة وكفاءة استهلاك الطاقة و٨٠ نبض، وتلك الأخيرة لكفاءة استهلاك الطاقة في مولدات الطاقة مزيد من الوعي بماهية الحوسبة السحابية وأهميتها وأيضا برامج الأجهزة التخيلية التي تتيح لك امتلاك أكثر من حاسوب في حاسوب واحد، وكما ذكرت منظمة اليونيسكو أن الثقافة والوعي هما حجر الزاوية للدفع بعجلة التنمية المستدامة، لذلك نستطيع أن نؤكد على ضرورة المزيد من الوعي الاستهلاكي للتكنولوجيا وكيفية التعامل معها والتخلص منها تخلص آمن، للحفاظ على رؤوس أموالنا البشرية والطبيعية والاقتصادية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقرير حالة الموارد 2024

وليد حسان الأشوح تقرير حالة الموارد 2024 يوضح ان الطريق نحو الاستدامة أصبح شديدة الانحدار وضيق على نحو متزايد لأنه قد ضاع الكثير من الوقت والعديد من الالتزامات السياسية المضمنة في الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف لم يتم تسليمها و أدى تزايد مستويات المعيشة إلى سرعة زيادة استخراج الموارد المادية (الكتلة الحيوية،الوقود الأحفوري والمعادن والمعادن اللافلزية) والثراء هو المحرك الرئيسي للزيادات المتوقعة في استخدام المواد العالمية على مدى السنوات العشرين الماضية 40 %   من الزيادة العالمية في استخراج المواد، في حين ساهم السكان بنسبة 27 %. تغير تكوين استخدام المواد بعمق على مدى العقود 5 الماضية مما يعكس الاتجاه العام لتحول الاقتصادات من الزراعية إلى الصناعية حيث ان المعادن غير المعدنية بما في ذلك الرمل والحصى والطين والمعادن الأخرى للتطبيقات الصناعية مثل الخرسانة هي أكبر مكون لبصمة الموارد زيادة 5 أضعاف في مستويات الاستخراج من 9.6 مليار طن إلى 45.3 مليار طن هذا المستوى قريب إلى 50 % من إجمالي المواد العالمية المستخرجة المرتبطة بالبناء الهائل للبنية التحتية في العديد من العالم. ارتفعت ح...

ايزو المشاركة المجتمعية 26000

وليد الأشوح هو معيار دولي أطلقته المنظمة الدولية للمعايير ( ISO ) في 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2010 ليقدم توجهات بخصوص المسؤولية الاجتماعية الهدف منه هو المشاركة في عملية التنمية المستدامة العالمية من خلال تشجيع الشركات والمنظمات على المشاركة في ممارسة المسؤولية الاجتماعية لتحسين هذه الممارسة على عمال هذه الشركات والمنظمات وبيئتها الطبيعية ومجتمعاتها ال تعريف ال شائع من قبل مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة    وهو يعرف المسئولية الاجتماعية للشركات بأنها “ تعهد من قطاع الأعمال (WBCSD)      بالمشاركة في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال العمل مع    العاملين وعائلاتهم، والمجتمع    المحلي والإقليمي بغرض تحسين جودة حياتهم ” الإطار العام للمسئولية المجتمعية   يعبر عن مسئولية أى منشأة عن تأثير قراراتها و أنشطتها على المجتمع و البيئة من خلال سلوك أخلاقي يمتاز بالشفافية ويتسم بالآتى : 1.      التوافق مع التنمية المستدامة ورفاهية المجتمع 2.      أن يضع في ا لإ عتبار توقعات الأطراف المعني...

التوازن البيئي: تحقيق التآزر بين الرفاهية والصحة لتنشيط النظم البيئية للتعلم.

وليد حسان الأشوح يمثل التوازن البيئي (EE) تآزر علاقة عمل ديناميكية ومفيدة وشاملة داخل وبين الأجزاء المترابطة من نظام المعيشة. إنه يشير إلى الحالة المثلى للعمل التي تتجاوز التوازن (الأداء والبقاء على قيد الحياة) وتشمل الإمكانات البشرية للازدهار (السيطرة) والازدهار (الازدهار) في حفلة موسيقية. تعمل المعادلة EE = ƒ (W ، H ، C ، t) في سياق الرفاهية والصحة (W + H) كصيغة إرشادية ، توفر إطارًا توضيحيًا لفهم محددات التوازن البيئي. تفترض هذه الصيغة أن التوازن البيئي يظهر كنتيجة للتفاعل التراكمي بين الوظائف (ƒ) والرفاهية (W) والصحة (H) والظروف (C) والوقت (t). نموذج محاذاة W + H هو تمثيل مرئي للمعادلة. تجسد الوظيفة وظائف وهياكل وأنشطة ومخرجات النظام الحي ، فضلاً عن التفاعلات بين أجزائه المترابطة. تمثل الرفاهية الحالة المفيدة أو مقياس الأداء عبر المجالات الشخصية والمجتمعية والبيئية والكوكبية. تمثل الصحة حالة شاملة أو مقياسًا للعمل ضمن نفس المجالات. يتم تعريف الشروط على أنها جميع العوامل والقوى التي تؤثر على النظام الحي ، بينما يقر الوقت بالطبيعة الديناميكية للنظام والجوانب الزمنية. يحدد التوا...