التلوث الضوئي

 

نتيجة للتقدم التكنولوجي والثورة الصناعية وإنشاء المدن الكبرى التي تزداد يوما بعد يوم، وما يميز تلك المدن من الإضاءة الاصطناعية المتوهجة، وظهور العديد من الأمراض العصرية مثل الاكتئاب والتوتر والسرطان وضعف البصر والأرق وفقدان التنوع البيولوجي وزيادة استهلاك الطاقة وتغيرات المناخ والاحتباس الحراري وضعف قدرة علماء الفلك من دراسة الكون،كل ما سبق بسبب نوع جديد من التلوث يسمى التلوث الضوئي.

والتلوث الضوئي يعني الاضطراب الناتج عن شدة الإضاءة الاصطناعية والتي يتم استخدامها دون حساب كمية السطوع إلى المساحة المراد إنارتها، حيث أثبتت الدراسات أن ثمانون بالمائة من سكان العالم يعيشون في إضاءة اصطناعية شديدة، مما كان له من أضرار على الإنسان، متمثلة في زيادة تلك الأمراض التي ذكرت من قبل، وذلك نتيجة لتأثير الضوء من خلال القنوات العصبية في العين علي الغدة الصنوبرية أو بنيال والتي تفرز هرمون ليلي يسمي الميلاتونين وهو المسؤول عن الساعة البيولوجية في الإنسان والثدييات والتي تتواجد تحت الجلد، وأيضا يعمل هذا الهرمون على إفراز مضادات أكسدة تمنع ظهور الخلايا السرطانية وتؤثر علي الحالة النفسية والإنجابية.

وأيضا تؤثر شدة الإضاءة الاصطناعية علي البرمائيات حيث تضل طريقها في العودة إلى موائلها الطبيعية حيث أنها لا تستطيع رؤية النجوم التي هي دليلها للرجوع، وأيضا تؤدي إلى اصطدام الطيور المهاجرة بناطحات السحاب مما يؤدي إلى موت الكثير، وتتجمع الأحياء المائية حول الضوء النافذ إلى البحار، وتدور حول نفسها حتي الموت، وتؤثر أيضا على اختلال فترات التكاثر ومواعيد الطعام والبناء الضوئي للكتلة الحيوية، واختلال في السلسلة الغذائية، وتتجمع الحشرات حول الضوء وتدور حوله حتى تموت مثل الفراش والنحل مما أدى إلى أن أصبح النحل مهدد بالانقراض، مما له أثر بالغ الخطورة في تزايد معدلات الجوع والفقر أولى أهداف التنمية المستدامة، لأنه مسئول عن التلقيح الطبيعي لحوالي 90% من غذائنا.

أضف إلى ذلك إهدار الكثير من أموال الدولة على توفير الطاقة التي تهدر، ولكن ليس معنى ذلك أن نعيش في ظلام دامس ولكن يجب أن تكون الإضاءة مغطاة لتوجه إلى الأماكن المراد إنارتها واستخدام مصابيح “الليد” ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة، وترشيد الاستهلاك ليس فقط للتوفير ولكن لحماية صحتنا من أمراض التقدم التكنولوجي العشوائي الذي لا يهتم بدارسة وفهم التوازن الطبيعي الذي خلقة الخالق وإيجاد التكنولوجيا التي تساعد علي زيادة كفاءة التوازن (التكنولوجيا المستدامة) فالصحة تاج علي رؤوس الأصحاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المنشورات الأحدث

قصيدة من مسيرة المهندس وليد حسان الأشوح، مبرزةً اهتماماته المتنوعة في مجالات التنمية المستدامة، البيئة، والبحث العلمي

وليد حسان الأشوح *قصيدة: "رجلٌ من نورٍ واستدامة"** على دربِ العِلْمِ والخيرِ يسيرُ، في كُلِّ خطوةٍ ينبضُ الضميرُ، شُعاعُ فكرٍ في...