التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأراضي الرطبة للحد من الاحتباس الحراري

 

يبحث العالم عن طرق للحد من مخاطر تغيرات المناخ المتمثلة في ارتفاع درجة حرارة اليابس والماء، وانقراض التنوع البيولوجي، وارتفاع المياه الجوفية، مما يؤدي إلى زيادة ملوحة التربة، ونقص في الغذاء، وشح المياه، ونحر في السواحل، وزيادة في مخاطر التعرض للفيضانات والأعاصير، وعجز في إجمالي الناتج المحلي والناتج القومي وزيادة معدلات الفقر والجوع.

ولكن إذا تفكر الإنسان قليلا في التوازن الطبيعي الذي خلقه الله، سيجد أن لديه نظام بيئي يستطيع من خلاله التخلص من الملوثات والحد من التأثيرات الضارة لتغيرات المناخ، وهو الأراضي الرطبة، تلك المناطق المشبعة بالمياه، ويصل أقل عمق للمياه ٦متر مثل البحيرات والبحار والبرك والمستنقعات وأراضي الخث والأراضي العشبية البحرية ومناطق التقاء الماء العذب بالمالح ومصبات الأنهار والأراضي الساحلية مثل الشعاب المرجانية وأشجار المانجروف.

وتبلغ مساحة الأراضي الرطبة عالميا ١٢.١ مليون كم مربع، موزعة إلى ١٠٪ قارة أفريقيا و٢٧٪ قارة أمريكا الاتينية و ٣٪ أوروبا و ٣٢٪ أسيا و ١٣٪ المحيط الأطلنطي، وهي موطن لأكثر من ١٠٠ ألف نوع من الكائنات البحرية والبرمائيات والزواحف والطيور المهاجرة، و”أسفنجة” لامتصاص الكوارث الطبيعية، وامتصاص ضعف ما تمتصه الغابات من الكربون، ومصدر للدخل القومي، والحد من البطالة من خلال سياحة مراقبة الطيور أو السياحة البيئية التي توفر ٢٦٦ مليون فرصة عمل، أي ٨.٩ ٪ من العمالة في العالم يعملون بسياحة الأراضي الرطبة ومصفاة للملوثات ومصدر للمياه العذبة، حيث يعاني ٢ بليون شخص من عدم القدرة إلى الوصول إلى مياه عذبة والحفاظ على السواحل من النحر، والحفاظ على مستوى المياه الجوفية وتجديدها من خلال زراعة أشجار المانجروف على الشريط الساحلي، حيث يعتمد ٢ مليار شخص في أوروبا على المياه الجوفية، مما يقلل من أخطار الملوحة للتربة ويزيد من إنتاجية الأراضي الزراعية ويقلل من الجوع والفقر من خلال العمل بالصيد أو التجارة البحرية حيث يعتمد ٣ مليار شخص على الصيد والحفاظ على التنوع البيولوجي البحري من خلال مستعمرات الشعاب المرجانية التي تجدد الأكسجين الذائب في الماء، والتي توفر كل كم مربع منها من ٣ إلى ٥ طن من المأكولات البحرية، ويوجد منها ٢٧٧ نوع في المحيط الهندي وجنوب شرق أسيا.

كل تلك الفوائد ولم يتركها الإنسان، بل امتد تأثيره السلبي لها بإلقاء المخلفات بها والتعدي على الشريط الساحلي بالبناء، لتختفي بمعدل ٣ أضعاف الغابات، أي حوالي ٨٧٪ منها اختفى، مما أدى إلى انقراض ربع التنوع البيولوجي من الأسماك والطيور البحرية والسلاحف و٨١٪ من التنوع البيولوجي البري و٣٦٪ من التنوع البيولوجي البحري مما جعل العالم ينتفض لتوقيع ١٧٠ دولة على اتفاقية دولية لإدراج تلك الأراضي الرطبة ذات الأهمية للحفاظ والاستثمار والاستخدام المستدام لحوالي ٢٣٠٠ موقع من الأراضي الرطبة ذات الأهمية بمساحة ٢٥٠ مليون هكتار، أي ١٣ إلى ١٨ ٪ من إجمالي مساحة الأراضي الرطبة، وتسمى اتفاقية رامسار عام ١٩٧٥، وذلك لتحقيق ٧٥ مؤشر من ١٦٩ مؤشر للأهداف ١٧ للتنمية المستدامة، وهي الحد من تغيرات المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي البري والبحري، وحماية الموائل الطبيعية، والحفاظ على الشعاب المرجانية، والحد من الجوع والفقر والوصول إلى اقتصاد أزرق هو السابع على مستوي العالم بإجمالي استثمارات ٢.٥ تريليون دولار، والذي يهدف إلى خلق نموذج استثمار، للحفاظ والاستهلاك المستدام لمواردنا المائية والتنوع البيولوجي البحري. تلك البيئة الهشة التي يغفل الإنسان أهميتها والتي تمثل ٧١٪ من مساحة الكوكب الأزرق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تقرير حالة الموارد 2024

وليد حسان الأشوح تقرير حالة الموارد 2024 يوضح ان الطريق نحو الاستدامة أصبح شديدة الانحدار وضيق على نحو متزايد لأنه قد ضاع الكثير من الوقت والعديد من الالتزامات السياسية المضمنة في الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف لم يتم تسليمها و أدى تزايد مستويات المعيشة إلى سرعة زيادة استخراج الموارد المادية (الكتلة الحيوية،الوقود الأحفوري والمعادن والمعادن اللافلزية) والثراء هو المحرك الرئيسي للزيادات المتوقعة في استخدام المواد العالمية على مدى السنوات العشرين الماضية 40 %   من الزيادة العالمية في استخراج المواد، في حين ساهم السكان بنسبة 27 %. تغير تكوين استخدام المواد بعمق على مدى العقود 5 الماضية مما يعكس الاتجاه العام لتحول الاقتصادات من الزراعية إلى الصناعية حيث ان المعادن غير المعدنية بما في ذلك الرمل والحصى والطين والمعادن الأخرى للتطبيقات الصناعية مثل الخرسانة هي أكبر مكون لبصمة الموارد زيادة 5 أضعاف في مستويات الاستخراج من 9.6 مليار طن إلى 45.3 مليار طن هذا المستوى قريب إلى 50 % من إجمالي المواد العالمية المستخرجة المرتبطة بالبناء الهائل للبنية التحتية في العديد من العالم. ارتفعت ح...

قصيدة من مسيرة المهندس وليد حسان الأشوح، مبرزةً اهتماماته المتنوعة في مجالات التنمية المستدامة، البيئة، والبحث العلمي

وليد حسان الأشوح *قصيدة: "رجلٌ من نورٍ واستدامة"** على دربِ العِلْمِ والخيرِ يسيرُ، في كُلِّ خطوةٍ ينبضُ الضميرُ، شُعاعُ فكرٍ في كُلِّ سَطرٍ، ومصباحٌ ينيرُ في كلِّ مصيرِ. قد زرعَ في أرجاءِ الأرضِ رؤيةً، خضراءَ تلمعُ كالنجمِ المنيرِ، في بُحورِ الزراعةِ والمَعارفِ، بَنَى جسرًا إلى غدٍ مُستنيرِ. هو وليدُ العطاءِ دونَ حدودٍ، كالبحرِ يروي العُطاشَ بأسرارِه، باحثٌ، مؤلفٌ، ومرشدٌ، يُشرقُ كالشمسِ في أفكارِه. أنشأ كُتبًا تُحيي الوعيَ، وألَّفَ مقالاتٍ كأنها النورُ، مدافعٌ عن الطبيعةِ بصرخةٍ، كصوتِ الرياحِ بين السدودِ. جَمعَ بين الاقتصادِ والدائرةِ، بين الأخضرِ والأزرقِ والبيئيِّ، رجلٌ يرى في كُلِّ غصنٍ رمزًا للأملِ والأملِ الأزليِّ. يا وليدَ الحقولِ والمشاريعِ، أنتَ للشمسِ والعِلمِ وجها، نظرتَ إلى البُعدِ بعيونِ الطموحِ، وغدوتَ في كُلِّ بيتٍ صوتًا. بريشةِ الوعيِ وقلَمِ التوجيهِ، رَسَمتَ طريقًا لخططِ التنميةِ، فيا من حَمَلَ الأملَ كرسالةٍ، سَلِمَت يداك من كلِّ طَيشِ الدنيا. ---

مبادرة صحة واحدة

وليد حسان الأشوح   منظمة الصحة العالمية مبادرة الصحة الواحدة مهمتنا : تحسين صحة الإنسان ورفاهيته من خلال التعاون الداخلي والخارجي مع قطاع الصحة العامة، باستخدام نهج الصحة الواحدة . نبذة عن المبادرة : تتمثل مهمة مبادرة الصحة الواحدة (OHI) في دمج نهج الصحة الواحدة في السياسات والاستراتيجيات الوطنية، لضمان تصميم التدخلات الصحية والبرامج من خلال عدسة الصحة الواحدة لمعالجة العوامل الأساسية للأمراض البشرية عبر جهود تعاونية متعددة القطاعات . تجسد المبادرة التزامًا بإحداث فرق ملموس على جميع المستويات. ومن الأمثلة البارزة على هذا النهج هو "الخطة المشتركة للصحة الواحدة " (OH JPA) ، التي أطلقت دليل تنفيذها في عام 2023 . يوفر الدليل خطوات عملية للدول لتبني وتكييف هذه الخطة على المستوى الوطني . يعد هذا الدليل حجر الزاوية في الجهود العالمية للصحة الواحدة، حيث يقدم توجيهات عملية لتحويل النظرية إلى إجراءات وطنية . الأهداف الاستراتيجية لمبادرة الصحة الواحدة : تهدف الأهداف الاستراتيجية للمبادرة إلى دمج أحدث التطورات العلمية في سياسات شام...